أبو سلمان
عدد الرسائل : 2 تاريخ التسجيل : 22/05/2010
| موضوع: الثورة التونسية: ثورة المستضعفين السبت يناير 22, 2011 10:58 am | |
| بسم الله قاصم الجبارين وناصر المستضعفين، القائل في محكم تنزيله:" وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةٌ وَنَجْعَلَهُمْ الوَارِثِينَ" صدق الله العظيم. إنها إرادة الله تشرق في إرادة الشعب، لأن إرادة الشعوب من إرادة الله وإرادة الله لا تقهر. فمن كان يصدق أن محمد البوعزيزي حامل الشهادة الجامعية وصاحب عربة الخضار أن يكون إماما لثورة شعب من المقهورين والمستضعفين؟ ثورة تحرق بلهيبها عرش الاستبداد والديكتاتورية، فترتعد لها فرائص الطغاة وتنعقد ألسنتهم عن القول فيها. ثورة تباغت كل التوقعات وتراوغ كل أجهزة الاستخبارات المحلية والأجنبية. وحتى أصحاب العقول الموضوعية لم يجدوا لهذا الحدث المفاجئ تفسيرا، لأن أميز ما يميز الثورة هو طابعها المفاجئ الذي تفرزه جدلية الغيب والطبيعة. وهي الجدلية الوحيدة القادرة على تفسير الإمكان المستحيل أو المستحيل الممكن، أي إمكان انبثاق الثورة من عمق الخضوع والإذلال وإمكان ولادة المسؤولية من رحم اللامبالاة. لقد كنا جميعا نظن أن نظام بن علي نجح في تجفيف المنابع وأبدع في إسكات الأصوات المناضلة بتوطين الشباب على الميوعة وصرفهم عن التفكير في الكرامة والحرية حتى غدت هذه المفردات غريبة عن الأذهان، لكن الله وحده قال لنا:"وَسَيَعْلَمُ الذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ". هذا الوعد أجراه الله على يد محمد البوعزيزي الذي أوقد نارا أتت على هشيم هذا الظن وحولته إلى سماد يغذي أرض الحرية لتنبت أزهارا تنشر عبقها في شوارع المدن التونسية وهي تردد بلسان واحد "تونس حرة وبن علي على بره" أو "تونس حرة، بن علي هرب". إن هذه الثورة أحدثت منقلبا غفل عنه الظالمون من آل بن علي وآل الطرابلسي وآل الماطري وآل شيبوب... لأن هؤلاء جميعا بنوا حساباتهم على معادلات القوة والضعف واتخذوا قرارتهم بناء على حدود وعيهم بموازين تلك القوى، فكان استكبارهم استضعافا لشعب أعزل من كل سلاح سوى إرادته الحية السارية في أبنائه من العاملين والعاطلين والبطالين. لكن من لا تأخذه سنة ولا نوم وحده يرقب ما يجري بين العباد وبإرادته يرفع منهم أقواما ويخفض آخرين، ومن هنا يأتي التذكير الإلهي: "وَلاَ تَحْسبَنَ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَالِمُونَ". إن ثورة المستضعفين والمقهورين حتمية منيعة عن المقاييس الذاتية والموضوعية، فلا تجد دلالتها إلا في وعد إلهي بالتعاقب بين العسر واليسر في قوله عز وجل:"إِنَّ بَعْدَ العُسْرِ يُسْرًا". لقد علمتنا الدراسات النقدية المعاصرة أن وسائل الاتصال تعمق الانعزال وتقضي على كل أشكال التواصل، فجاءت هذه الثورة لتكشف لنا أن الانعزال بوسائل الاتصال يؤسس لأعمق وجوه التواصل والفعل في واقع الانفعال والسلبية. هكذا كانت سهرات شباب الثورة على شبكة الفايس بوك مناسبات لكسر حاجز التعتيم الإعلامي وكشف المغالطات التي يعمد إليها الإعلام الرسمي وفضاء للإعداد والاستعداد للمواجهة. لقد كان الشاب التونسي الثائر شبيها بموسى وهو يتربى في قصر فرعون، ذاك الحاكم المتأله الذي لم يكن يعلم أنه يرعى في قصره إرادة مضادة لإرادته. كذلك كان بن علي ومستشاريه يراهنون على تصحير العقل التونسي وتجفيفه من كل ما يمت للقيم الإنسانية بصلة وكانوا يظنون أن استضعاف المواطن التونسي بلغ حدا لم يعد معه قادرا على القيام بأدنى ردود الأفعال، لذلك امتدت أياديهم لكل الممتلكات والأعراض في مشروع بيع الوطن. أبو سلمان | |
|