عبد الله
عدد الرسائل : 14 الموقع : اليمن تاريخ التسجيل : 07/10/2011
| موضوع: تطواف الثلاثاء أكتوبر 11, 2011 10:50 am | |
| الإبداع الأدبي - أولاً: الأصالة
الإبداع ميزة النص الأدبي، بل جوهر النص الأدبي، فهو الجذوة التي بها يتألق ويشع. وقد أفاض العلماء والمفكرون في تعريف ذات الإبداع، وتناولوه من جوانب شتى، ومهما يكن من تلك التعاريف فإن جوهر الإبداع يقوم كما أراه في قول الله تعالى: (مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أُكُلها كل حين بإذن ربها) على ركيزتين هما: الأصالة، الجدّة. الأصالة هي الأساس الأول للإبداع، وأعني بالأصالة: تمكّن العمل الفني في أصله فهو أصيل له قاعدة راسخة يقوم عليها تميزه سماتها التي تنسبه إلى هذا الفن. وفرق بين تأصيل الفن وتأطيره، فالتأطير أو القولبة، تعني توجيه حركة متغيرات الفن في مسار محدد تبعاً لضوابط معينة. أما التأصيل فيعني الرسوخ في قواعد الفن الثابتة التي لا تتغير التي هي ضرورة لكل فن بل لكل شيء في الحياة. والحفاظ علي هذه القواعد مجمع عليه ويستحيل على أحد مخالفتها تطبيقاً حتى لمن دعا إلى هذه المخالفة قولاً. فلن تجد أحداً من الأدباء والكتاب حتى من دعاة التحرر عن قواعد اللغة ينصب الفاعل ويرفع المفعول، أو يرفع المضاف إليه أو شبه ذلك؛ لأن أي خطأ في هذه القواعد يفسد العمل ويخرجه عن دائرة الفن فظلاً عن مستوى الإبداع. ومثل ذلك الخطأ في المعاني، بإزالتها عن موضوع اللغة، "فإنه ربما استسخف اللفظ بأمر يرجع إلى المعنى دون مجرد اللفظ كما يحكى من قول عبيد الله بن زياد لما دهش: (افتحوا لي سيفي). وذلك أن (الفتح) خلاف (الإغلاق)، فحقه أن يتناول شيئاً في حكم المغلق و المسدود، وليس السيف بمسدود، وأقصى أحواله أن يكون كونه في الغمد بمنزلة كون الثوب في العِكْمِ، والدرهم في الكيس والمتاع في الصندوق. والفتح في هذا الجنس يتعدى أبداً إلى الوعاء المسدود على الشيء الحاوي له لا إلى ما فيه، فلا يقال: (افتح الثوب). وإنما يقال: (افتح العكم، وأخرج الثوب).."(2). فهذه القواعد والعلوم هي روح الأدب الثابتة التي لا يستقيم بدونها. ولو نظرنا إلى الشعر خاصة، نجده يقوم على الصورة والموسيقى، فالتصوير والوزن قواعد ثابتة في الشعر ولا يمكن تجاوزها، مع ضرورة التطوير والتجديد في آليات التصوير وكذلك إيقاعات الأوزان. وعلى هذين العاملين: التمكن من الأصول والتجديد المستمر في الآليات يقوم الإبداع. -------- 2-أسرار البلاغة:عبد القاهر الجرجاني، قرأه وعلق عليه محمود شاكر، دار المدني، جدة، ط1، 1991، ص6. | |
|