جلال Admin
عدد الرسائل : 361 الموقع : تونس تاريخ التسجيل : 27/05/2008
| موضوع: قساوة قلوب اليهود الإثنين مايو 14, 2012 8:47 pm | |
| قـال تـعـالى في صفة اليهود : (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة اءو اءشدقسوة و ان من الحجارة لما يتفجر منه الانهار و ان منها لما يشقق فيخرج منه الماء و ان من الحجارة لما يتفجر منه الانـهـار و ان مـنها لما يشقق فيخرج منه الماء و ان منها لمايهبط من خشية اللّه و ما اللّه بغافل عما تعملون ) ((7)) . هذه الصورة الفنية التي تواجهها, تتضمن كما هو واضح لديك ((تـشـبـيـهـا)) يتناول قساوة القلب التى تتميز بها الشخصية اليهودية , و لكن , قبل اءن نعرض لك خـصـائص هـذه الـصـورة الـمـدهـشة فنيا, ينبغي اءن نذكرك , باءنها جاءت بعد سلسلة طويلة من الـعرض القصصي لسلوك الاسرائيليين , حيث اتسم سلوكهم بالتمرد على اءوامر السماء من جانب ,و قـتلهم الانبياء من جانب آخر, و بممارسات تبعث على السخرية من جانب ثالث , مثل مطالبتهم برؤية اللّه تـعـالـى , و عـبـادتـهم للعجل ... الخ , فيما تعبر اءمثلة هذا السلوك عن مدى الالتواء الذي يطبع الـشـخصية اليهودية . و فيما يترتب على مثل هذا الالتواء في السلوك :اءن تصبح اءعماق الشخصية اليهودية ممسوخة لا اءثر للخير فيها. فـي سـيـاق ذلـك , يـمكنك اءن تتبين اءهمية ((التشبيه )) الذي قدمه النص القرآني الكريم ,حينما اءوضـح باءن ((قلوب الاسرائيليين )) هي : ((كالحجارة اءو اءشد قسوة )), الى آخر ماستلحظه من التفصيلات التى ينطوي عليها هذا التشبيه . لا شـك , اءن قـسـاوة الـقلب تعني : اشتداد درجة المرض اءو الالتواء في اءعماق الشخص , بحيث تـتـلاشـى لـديه النزعة الانسانية , و حينئذ يكون التشبيه لقساوة القلب بالحجارة تعبيرا عن اءشد درجـات الـقساوة . و لكنك ينبغي اءن تلاحظ هنا, اءن النص القرآني الكريم لم يكتف بتشبيه قساوة اليهود بالحجر, بل اءوضح باءن قساوتهم اءشد من الحجر. و اذا اءخذنا بنظر الاعتبار, اءن القرآن الكريم يتميز في صياغته للصور الفنية بكونه (واقعيا) لا مجال لعنصر (المبالغة ) فيه , حينئذ يمكنك اءن تدرك مدى القساوة التي تنطوي عليها قلوب اليهود. و قـد تتساءل : ان الحجر عنصر جامد, و العنصر البشري , مهما بلغت درجة قساوته ,فهو لا يصل الى حد الجمود, لان ذلك يعني : انسلاخ الشخص من دائرة البشر, فلابد اءن يحتفظ الشخص مهما كانت درجة قساوته و لـو بنسب صغيرة من نزعة الخير, في حين اءن هذا التشبيه ينفي حتى النسبة الصغيرة من الخير اءو الرحمة في قلب اليهودي , بل لايكتفي بنفي الخير منه فحسب , و انما يقرر باءن الحجر و هو جامد لا اءثر للرخاوة فيه آهو : اءقل جمودا من قلب اليهودي . فـهـل يعني هذا, اءن الشخصية الاسرائيلية خارجة عن صعيد الانسان العادي حقا, مادمنا على يقين باءن القرآن الكريم لا يلجاء الى عنصر (المبالغة ) ؟ هذا ما يجيبك عليه القرآن نفسه , حين تتابع الصورة التشبيهية المشار اليها. لـكـي يـقـنـعك القرآن الكريم باءن قلوب الاسرائيليين هي اءشد قسوة من الحجارة ,تجده يقدم لك استدلالا فنيا, على النحو الاتي : (و ان منها لما يشقق فيخرج منها الماء و ان منها لما يتفجر منه الانهار, و ان منها لمايهبط من خشية اللّه ...)... تـاءمـل بـدقـة هذا الاستدلال الفني , تجد اءنك اءمام صور فنية مدهشة , مثيرة , طريفة ,تتحدث عن مستويات الحجارة و هي جامدة تماما في تصوراتنا مـن حـيث امكانية تشقق الماء منها, اءو تفجر الانهار منها, اءو هبوطها من خشية اللّه تعالى ... اءولئك جميعا,ينبغي اءن تتاءمله بدقة , حتى تتبين الاسرار الفنية الكامنة وراء التشبيه المذكور. ان قساوة اليهود اءشد من قساوة الحجر. هـذا مـا يـريـد اءن يـقـرره القرآن الكريم , و اءن يقدم لك دليلا حسيا على هذه القساوة التي تفوق الحجر. الحجر : قد تتفجر منه الانهار, و هذا ما يمكنك اءن تشاهده مثلا في المواقع الجبلية ,والحجر: قد يتشقق فينبع منه الماء, و هذا ما يمكنك اءن تشاهده في مطلق الارض . ثم الجبل : قد يهبط من خشية اللّه تعالى , و هذا ما لا يمكنك اءن تشاهده حسيا,ولكن يمكنك اءن تعيه فـكريا, حينما تضع في اعتبارك , اءن النص القرآني الكريم قد اءشارفي احدى الايات الكريمة الى اءن الـسـمـاوات و الارض و الـجبال قد اءبين اءن يحملن الامانة (و هي : الخلافة في الارض ) و اءشـفقن منها, و لكن الانسان قد حملها, و كان ظلوماجهولا, و هذا يعني اءن الكائنات غير البشرية تحمل (وعيا), كما هو واضح . لكن , يعيننا اءن تتبين الاسرار الفنية الكامنة وراء هذا التشبيه المذهل الذي جعل من الحجارة امكانية اءن تـتـفـجـر, و امـكانية اءن تتشقق , و امكانية اءن تهبط من خشية اللّه تعالى ... في حين اءن القلب الاسرائيلي جامد, بليد, لا رحمة فيه , و لا وعي لديه . و كـمـا كررنا : اءن القرآن الكريم لا يجنح الى المبالغة و لا يتجه الى المبالغة في صياغته للصور الـفـنـية , بل يتعامل مع الواقع , مع الحقيقة , و حينئذ قد تتساءل عن علاقة تفجير الحجارة بالانهار, وتشققها بالمياه , ثم : عن صلتهما بقساوة القلب الاسرائيلي . اذا اءمكنك اءن تدرك باءن الصورة الفنية تشبيها كانت اءو غيره انـمـا تـقـوم عـلى ايجادعلاقة بين شيئين لاعلاقة بينهما في عالم الواقع , حينئذ يمكنك اءن تتبين الـعـلاقـة الـتـي اءوجدها النص القرآني بين قساوة اليهود التي لا حدود لها, و بين جمود الحجر الـذي يـشارك القلب الاسرائيلي في الجمود, و لكنه يختلف عنه في كون الحجر يتخلى عن جموده اءحيانا فيتفجر منه النهر اءو يتشقق منه النبع , بينما لا تجد لدى الاسرائيلي امكانية اءن يتفجر قلبه يوما ما بالرحمة اءو بالوعي . بـهذا : اءمكنك اءن تلاحظ العلاقة الفنية بين كل من الحجارة و قلب اليهودي , و مثل هذه العلاقة لا مبالغة فيها, بل هي في الصحيح من (الواقع ) الذي نشاهده في تفجيرالحجارة و تشققها. و العلاقة المذكورة كما هو واضح لديك انـمـا تـنبثق من كونها (رمزا) لما هو (واقع ),اءي : اءن تفجر الحجارة و تشققها هو (رمز) يقابل جمود القلب الاسرائيلي و انعدام الخيرفيه . و هـو يختلف عن التشبيه الثالث الذي اءوضح باءن من الحجارة ما يهبط من خشية اللّه تعالى , في حين اءن القلب الاسرائيلي لا يعرف الخشية من اللّه تعالى . لذلك , ينبغي اءن تضع في اعتبارك اءن هذا التشبيه ليس (رمزا) لواقع , بل هو الواقع نفسه . كل ما في الامـر, اءن النص القرآني الكريم يستهدف من وراء مثل هذا التشبيه اءن يستدل باءن الحجر الذي لم يـحـمل الامانة التي حملها الانسان انما يمتلك امكانية الخشية من اللّه تعالى , في حين اءن اليهودي لا يمتلك مثل هذه الخشية . اذن : مـن خـلال الـركون الى نمطين من التشبيه : التشبيه الرمزي و التشبيه الحقيقي ,اءمكنك اءن تـدرك تـمـاما, اءو لنقل : اءمكن للنص القرآني اءن يوفر لديك عنصر (القناعة ) بمدى قساوة القلب الاسـرائيـلـي الـذي لا يمكنك اءن تدرك حدوده , الا من خلال التشبيه المذكور,بالنحو الذي تقدم الحديث عنه . قال تعالى في معرض حديثه عن سلوك اليهود : (و قالوا : قلوبنا غلف بل لعنهم اللّه بكفرهم فقليلا ما يؤمنون ) (() . في هذه الاية نواجه صورة (استعارية ), هي قوله تعالى على لسان اليهود (قلوبناغلف ), و لو اءمعنت النظر في هذه الاستعارة , لوجدت اءنها جاءت على لسان اليهوداءنفسهم , اءي : اءنهم هم الذين اءقروا باءن قلوبهم غلف . و عـبـارة (غلف ) قد تكون جمعا للاغلف الذي يعني : انعدام الوعي في قلبه , اءو تكون جمعا للغلاف الذي ينطوي على معنيين , اءحدهما : الغطاء, و الاخر : الوعاء.منقول | |
|