إن جميع الأنبياء والمرسلين على مر التاريخ، دعوا البشرية إلى معرفة الله تعالى والإيمان به وتنزيهه وتوحيده وقبول عبوديتهم له دون شريك. وقاموا بتبليغ رسالة ودين الله، وكانوا نماذج وأمثلة للإقتداء بهم في طرز معاشهم وأخلاقهم وتصرفاتهم تجاه حوادث الدنيا ومستلزمات الحياة، وردود أفعالهم تجاه ما يجري على الأرض. وكذلك بشخصياتهم الفذة وشيمهم الكريمة. والأنبياء كما كانوا أمثلة صالحة للأقوام الذين تقاسموا العيش معهم، فأنهم – وكما جاء في القرآن من ذكر ميزاتهم وخصائصهم الفريدة – أيضا قدوة لجميع أهل الدين والإيمان وعلى مر الدهور والأزمان. وفي هذا جاء قوله تعالى
( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا(21) ( الأحزاب)
ويقدر القرآن مميزات كل نبي وبكثير من التقدير والاعتزاز. لذا فإن على المؤمنين إدراك ذلك والانتباه إلى النواحي المضيئة والمنيرة من أوصاف الأنبياء، ويستخلصوا الدروس والعبر من تفاصيل حياتهم وسيرهم للإقتداء بها وجعلها دليلا في الحياة. ويلاحظ أن لكل نبي أسلوبه الخاص في دعوة قومه إلى الهداية ومعرفة الخالق سبحانه.
إن لصفات وخصائص الأقوام الذين عاش الأنبياء بينهم، تأثيرا مباشرا وواضحا في طريقة قيامهم بتبليغ الرسالة الربانية. كما وإن تأثير ردود أفعال أقوامهم وإجراءاتهم على الأنبياء ومن اتبعوهم من المؤمنين والمصاعب والعوائق التي وضعوها أمامهم، والتصرف الذي صدر تجاهها من الأنبياء علامات إرشادية وأضواء ومعالم على الطريق كما هي تجارب فذة لنا لأخذ الدروس والعبر منها.