عبد الله
عدد الرسائل : 14 الموقع : اليمن تاريخ التسجيل : 07/10/2011
| موضوع: تطواف الجمعة أكتوبر 07, 2011 8:09 am | |
|
التطوافة الأولى الغائية أجد من الأحرى أن أنطلق في تطوافتي هذه من منطلق الغائية .. منطلق كل من أدرك أنه إنسان فتبوأ عرش إنسانيته، وبسط نفوذه على أرجاء مملكته التي عرضها السماوات والأرض. هذا المنطلق الذي يوجه المسار نحو غاية واضحة محددة ابتداءً، ولكل وجهة هو مولِّيها. وللأديب المسلم – كونه إنساناً، مسلماً، أديباً – غاية يجب عليه استبصارها، واستهدافها. وتعيين غاية للأديب لا يعني تقييد الأدب؛ لأن الأدب الحقيقي هدف في ذاته، ولكنه هدف جزئي يُتَوَسل به إلى ما فوقه من الغاية. فكونه إنساناً، له ذات مستقلة، مكلفة، حرة، استخلفه الله تعالى في هذه الأرض، وسخر له ما في السماوات والأرض، وكرمه بالعقل حتى ينفذ من أقطار السماوات والأرض بسلطان الإيمان على معارج العبودية إلى ملكوت الحقيقة لا يعوقه قيد ولا يمنعه حد. وغايته: قول الله تعالى: (إني جاعل في الأرض خليفة). ثم كونه مسلماً ، ابتعثه الله تعالى ليخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة. نعم، لقد اكتسبنا من الوعي ما أشعرنا بما أصاب هذا العالم الحائر المعذب بسبب تفريطنا في دعوته وتخلينا عن قيادته. فغاية الأديب كمسلم أوسع من دائرة ذاته وبيئته المحيطة به، بل إنها تتسع لتشمل العالمين، إنها قول الله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)).. وأما كونه أديباً، اصطفاه الله تعالى بهذه الموهبة الفنية لينهض بأعباء هذا الركن من الحضارة، حضارة الرحمة والعدل، والحرية. فعليه أن يبذل كل جهده في صقل موهبته واكتساب ما يرقى به في سماء الإبداع، وعليه وهو يتألق إبداعاً ويفيض عواطفاً أن يجلو إبداعه بصدق العاطفة، وأن يفجّر أعماق أعماقه ربيعاً سلسلاً عذباً، يزين به صرح هذه الحضارة ويزركش أركانها، فحضارتنا الرائدة التي تكون رحمة للعالمين، لا تقوم على أبعاض متفرقة، إنما تقوم على تكامل طاقات كل الناس؛ فيعبأ ببنائها الشاعر، والقاص، والمسرحي، والمفكر، والناقد، والفيلسوف، والموسيقار، والرسام، جنباً إلى جنب مع الفقيه، واللغوي، والطبيب، والمهندس، كل ما أودع الله في البشر من طاقات، وكلٌّ غايته في ذلك قول الله تعالى: ( إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا)..
| |
|