تفكير
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
المواضيع الأخيرة
»  أصول الدواعش!
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Icon_minitimeالأربعاء مارس 18, 2015 11:14 am من طرف جلال

» قراءة فى أم الكتاب
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Icon_minitimeالسبت يناير 03, 2015 9:23 am من طرف جلال

» دور الإصلاح العقدي في النهضة الإسلامية للدكتور عبد المجيد النجار
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Icon_minitimeالخميس يونيو 20, 2013 7:39 pm من طرف جلال

» أحبّك حبّين لرابعة العدوية
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Icon_minitimeالجمعة أبريل 26, 2013 7:26 pm من طرف جلال

» الدنيا
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Icon_minitimeالسبت نوفمبر 03, 2012 7:06 pm من طرف جلال

» جامعة الزيتونة إلى أين؟
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Icon_minitimeالخميس أكتوبر 18, 2012 8:02 am من طرف جلال

» هذا هو الشهيد سيد قطب
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Icon_minitimeالأربعاء مايو 30, 2012 1:38 pm من طرف جلال

» دراسة ( السم بالدسم ) - قراءة فى فكر اللعين جون لافين - الكاتب / طارق فايز العجاوى
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Icon_minitimeالخميس مايو 24, 2012 9:14 pm من طرف طارق فايز العجاوى

» دراسة ( السم بالدسم ) - قراءة فى فكر اللعين جون لافين - الكاتب / طارق فايز العجاوى
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Icon_minitimeالخميس مايو 24, 2012 9:14 pm من طرف طارق فايز العجاوى

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
جلال - 361
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Vote_rcapالسنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Voting_barالسنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Vote_lcap 
KHAOLA - 27
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Vote_rcapالسنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Voting_barالسنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Vote_lcap 
عبد الله - 14
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Vote_rcapالسنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Voting_barالسنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Vote_lcap 
كمال بوهلال - 10
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Vote_rcapالسنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Voting_barالسنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Vote_lcap 
samira rabaaoui - 9
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Vote_rcapالسنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Voting_barالسنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Vote_lcap 
ghada_kerkeni - 9
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Vote_rcapالسنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Voting_barالسنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Vote_lcap 
souma - 6
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Vote_rcapالسنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Voting_barالسنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Vote_lcap 
طارق فايز العجاوى - 5
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Vote_rcapالسنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Voting_barالسنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Vote_lcap 
mehdi - 4
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Vote_rcapالسنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Voting_barالسنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Vote_lcap 
ياسين - 3
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Vote_rcapالسنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Voting_barالسنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Vote_lcap 

المعرفة للجميع

 » قراءة في كتاب «نوادر البخلاء»
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Emptyأمس في 19:04 من طرف نادية

» سطور حول نوادر الجاحظ
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Emptyأمس في 18:59 من طرف نادية

» فروض تأليفية للإنجاز والإصلاح حول المبحث2
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Emptyأمس في 1:38 من طرف كمال بوهلال

» الإنسان بين الشهادة و الغيب
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Emptyأمس في 0:31 من طرف كمال بوهلال

» الغيب و معني الحياة
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Emptyأمس في 0:26 من طرف كمال بوهلال

» مفهوم الزمن في القرآن الكريم
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Emptyأمس في 0:20 من طرف كمال بوهلال
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 7 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 7 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 84 بتاريخ الأربعاء أغسطس 09, 2017 10:41 pm
رسول الله


 

 السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
جلال
Admin
جلال


عدد الرسائل : 361
الموقع : تونس
تاريخ التسجيل : 27/05/2008

السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Empty
مُساهمةموضوع: السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي   السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي Icon_minitimeالسبت فبراير 20, 2010 9:42 am

السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس
المحور الأوّل

التوحيد و تحرير الإنسان
مفهوم التوحيد:
التوحيد هو انتماء الجماعة البشرية إلى محور واحد هو الله تعالى بدلاً من كل الانتماءات الأخرى، والإيمان بسيد واحد للكون
قال تعالى : إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ النحل 22
وقال: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ الكهف 110
وقال: إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ طه 98
مفهوم الحريّة:
الحرية هي انعدام القصر الداخلي و الخارجي وتجاوز كل إكراه وهي أيضا انعدام الضغوط و القيود التي تحول دون ممارسة حق من الحقوق وبمعني آخر هي اختيار الفعل عن رويّة ووعي مع استطاعة عدم اختياره أو اختيار مضاد له
عقيدة التوحيد تحرير شامل
العبودية لله تعالى:
إن العبودية لله تعالى تعني الانقياد التام والإطاعة الكاملة لله، وهو ما يعني التحرر من كافة العبوديات والانقياد والتبعات لأية جهة أخرى. وهذا ما يكشف عن التحرر الحقيقي للإنسان من كافة الأغلال والقيود التي طالما كبلت إرادته وفكره وجسمه وروحه وحتى عواطفه خلال مسيرته الحافلة بالعناء، فالعبودية لله تعني أسمى أنواع الحرية التي لم يحلم بها الإنسان ولم يتصورها ابداً وهو يصارع الوان العبوديات التي سلبت منه نعمة الحرية والحياة الآمنة والعيش الهانىء. ان العبودية لله تحرر الإنسان ليس من قيود الظلم والامتهان والاستعباد والاصنام والآلهة المزورة فحسب، وانما أيضاً من قيود النفس واهوائها الجامحة ونزعاتها الجنونية، وتفسح المجال لعنصر العقل لكي يتخذ القرارات بشكل سليم وناضج بعيداً عن التأثيرات الكاذبة والاجواء المحمومة. وهو ما يتيح للانسان شق طريقه بشكل افضل وأداء دوره بالصورة المطلوبة
تحرير الانسان من سلطان الغرائز
لا يهدف قمعها والقضاء عليها ـ بل من أجل تهذيبها وصيانتها من الانحرافات وتوجيهها الوجهة الصحيحة، فالاسلام لا يلغي الغرائز بل يقرها ويعترف بها ولكن بالقدر الضروري اللازم، دون ان يسمح لها بتخطي ذلك القدر لانه يعني التعدي على الحقوق الاجتماعية والاضرار بمصالح الآخرين وانتهاك حرياتهم.
الإسلام اذن يعترف بالروح والجسد معاً، ويعترف بما للروح من نزعات وطموحات، وما للجسد من شهوات ولذائذ، ولكن ضمن عملية توازن رائعة لا يطغى فيها الجسد على الروح ولا تتمرد فيها الروح على ارادة الجسد، وبذلك تؤتي العملية ثمارها وتتوفر الحرية باطارها الصحيح كاملة لكل الناس دون ان يمس أي منهم حرية غيره بسوء عندما تنتصر الروح الإنسانيّة ـ وهي روح الفكر والعقل ـ على الارادة الحيوانية ـ وهي روح الغريزة المحضة وحب الذات المجنون ـ عندئذ يدرك الإنسان ان «رسالته في الحياة ارفع من هذا المصير الحيواني المبتذل الذي تطغى فيه الشهوات وان مثله الاعلى الذي خلق للسعي في سبيله
أسمى من هذه الغايات التافهة والمكاسب الرخيصة التي يحصل عليها في لذائذه المادية. وحينما يمتلك الإنسان مثل هذا الفهم للحياة والادراك لفلسفة الوجود فسيكون عندئذ انساناً حراً قادراً على الانطلاق في الحياة دون خوف عليه من شهوة أو لذة أو اغراء
التوحيد والتحرر من الخرافة
مصدر العلم هو الله تعالى (وَعلَّمَ آدمَ الأسْماءَ كُلهَا ثُمَّ عَرضهُمْ عَلى المَلائِكةِ فَقَالَ انْبئُوني بِأسماءِ هَؤلاء إنْ كُنتمْ صَادقينَ) (البقرة: 31).عن طريق التفكّر وإعمال العقل هبة الله للانسان و شرفه و كرامته و الذّي به تتحقق إنسانيته
وحين يؤمن الإنسان بهذا لن يستطيع الباطل المرتدي لبوس العلم أن يصل إلى عقله أو قلبه ، فلا مجال للزيف والباطل والخرافة والشعوذة، ومالا دليل عليه ولابرهان، ولم ينزل الله به سلطاناً أن يحتل أي موقع في ذهن الإنسان الموحد وعقله مع كونه باطلاً وزيفاً وخرافة؛ فالتوحيد عاصم للإنسان من ذلك ومن كل ما لا يغني من الحق شيئاً. وبذلك يرتبط الإنسان بالحق والحقيقة والعلم والبرهان وما يوصل إليهما.
والتوحيد يجعل العلم وسيلة للتقوى والارتباط بالله تعالى و مصدر كل علم وخير ومعرفة (إنَّما يَخشَى اللهَ مِنْ عِبادهِ العُلمَاءُ) (الإسراء: 28) فلا يستطيع الغرور بالمعرفة والعلم أن يستولي على قلب الموحد أو عقله أو كليهما، فما يقول المؤمن الموحد تلك المقالة الفاجرة (إنَّما أوتيتُهُ عَلى عِلمٍ عِندِي) (القصص: 78) بل يقول دائماً (سُبحانَكَ لاَ عِلمَ لنَا إلا مَا عَلمتنَا إنَّكَ أنْتَ العَليمُ الحَكيمُ) (البقرة: 32)، وبذلك يوصل التوحيد علم الإنسان بالإنسانية كلها لا في حاضره وحده، وما هو متداول فيه، بل يفتح أمامه آفاقاً ممتدة في الماضي إلى عهد آدم أبي البشر ليجعل كل ما توصلت البشرية إليه من علوم ومعارف ودونته بأقلامها إرثاً له فيه نصيب، وفي الوقت نفسه يفتح أمامه آفاق المستقبل فيتحرر من قيد الجهل فيفهم قوانين الطبيعة ويستثمرها لصالحه
لقد استطاع التوحيد أن يحسم ذلك الجدل الذي تمرغت البشرية فيه ولا تزال، حول حقيقة العالم وحقيقة الخالق، والوصول إلى طبيعة العلاقة بينهما
الحقيقة الإلهية تعد الحقيقة الوحيدة في الوجود، وكل ما عداها وهم، ولا وجود حقيقي له، فقدامى المصريين فقد كانوا يذهبون إلى فكرة ذوبان الوجود الإلهي في الطبيعة والعالم فالإله عندهم يتجلى في الفرعون، وفي الأنهار التي تجلب الخصب والحياة، وفي الشمس التي تعطي الحرارة والضياء، وفي العشب الأخضر الطالع في الأرض.
أما الإغريق والرومان فمع اشتراكهم مع الفراعنة في أصل ذلك المعتقد، لكنهم يذهبون إلى أن أي شخص عظيم أو مظهر من مظاهر الطبيعة يتعاظم يمكن أن يوضع فوق الطبيعة، وأن يضفي عليها سمات التأليه دون انفصال عن الطبيعة، فهو متصل في حقيقته منفصل من حيث امتيازه.
إن غرور الإنسان وكبرياءه جعله يحاول حل أو معالجة ما سماه الأقدمون بالعقدة الكبرى، ويسميه المعاصرون الأسئلة النهائية، ليصنع عالم غيبه بنفسه بطرق الخرافة
إنّ الخرافة والتقليد الأعمى للآخرين كلها مضادات للحرية.. بمعنى أن سيادة الخرافة يعني تراجع مستوى الحرية، كما أن شيوع حالات التقليد الأعمى يعني ضمور مجالات الحرية. فلا يمكن أن تلتقي الحرية مع الخرافة، كما أنه لا يمكن أن تنسجم حالات التقليد الأعمى مع متطلبات الحرية.
الحرية و القدر
ـ معني القدر:
القدر لغة:
التقدير، يقال: قدر الشيء أي بيّن مقداره وقدّر الشيء بالشيء، أي قاسه به وجعله على مقداره. وقدّر الأمر، ‏دبّره، قضى وحكم به. ويرد بمعنى القوة والطاقة أيضاً. وقدّر، تعني: حكم ، نفّذ.
وقول الله عز وجل: " وما قدروا الله حق قدره " ، أي ما وصفوه حق صفته.
وقدِرَ على الشيء قُدْرةً أي ملك فهو قادِرٌ.
القدر اصطلاحاً: هو
ـ القدر يعني كل ما كتبه الله سبحانه في علم الغيب عنده
ـ القدر هو تقدير الله سبحانه بعلمه المحيط بالأزل والأبد بوجود الأشياء، قبل وجودها
شاء الله أن يخلق الخلائق وقضى أن تكون بأقدار وأوصاف محددة، قال تعالى: ( وخلق كل شيء فقدره تقديرا ) سورة الفرقان 2
الذي يفهم من الآيات التي ذكرت القدر كقوله تعالى: {وإن من شيء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدرٍ معلوم}.
وقوله: {إنا كل شيءٍ خلقناه بقدر}. وقوله عن الأرض: {وبارك فيها وقدَّر فيها أقواتها}. وقوله عن القمر: {والقمر قدَّرناه منازل...}. وقوله: {وخلق كل شيءٍ فقدره تقديراً... وكل شيء عنده بمقدار}.
الذي يفهم منها ان القدر، هو السنن التي سنها الله لهذا الكون، والنظام الذي سلكه به والقوانين الطبيعية التي سيّره عليها. وان كل ما فيه قد خلق بمقادير معينة، ونسب محددة، فما من موجود إلا وقدر قبل إيجاده .
ـ معني القضاء:
لغةً:
الحكم،
والقضاء على الغير: إلزام أمر لم يكن لازماً قبله.
والقضاء في الخصومة: هو إظهار ما هو ثابت.
والقضاء، يشبه الأداء: هو الذي لا يكون إلا بمثل معقول بحكم الاستقراء، كقضاء الصوم والصلاة، لأن كل واحد منهما مثل الآخر صورةً ومعنى.
شرعا:
القضاء، هو وجود جميع الموجودات في اللوح المحفوظ مجتمعة
عبارة عن الحكم الكلي الإلهي في أعيان الموجودات على ما هي عليه من الأحوال الجارية في الأزل إلى الأب.
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (2) الأنعام
(2 مقالات المتكلمين:
ـ تعريف علم الكلام:
علم الكلام أو "أصول الدين" أو " علم التوحيد" هو ، حسب قول ابن خلدون (ت 808/ 1406)، (علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية والرد على المبتدعة المنحرفين في الاعتقادات الإيمانية" (3) . وهو حسب البرادي (ق 8- 9/ 14- 15):" النظر في العقائد القطعيات وما لا يحل الاختلاف فيه من الاستدلال بالأدلة العقلية والسمعية في أصول الاعتقاد وتثبيتها" (4) .
يقوم هذا العلم على النظر والحجاج العقلي قصد إثبات العقائد الإيمانية القطعية
الجبرية:
ـ الجبر: معناه إسناد ما يفعله الشخص من أعمال إلي الله عز وجل.
الجبر: هو نفي الفعل حقيقة عن العبد وإضافته إلى الرب تعالى،
الجهم بن صفوان مؤسس الجبرية إنّ فكرة الجبر قد ارتبطت بشخصيه ،
جهم بن صفوان،. و من آرائه: إن الإنسان لا يقدر على شيء، ولا يوصف بالاستطاعة؛ وإنما هو مجبور في أفعاله: لا قدرة له، ولا إرادة، ولا اختيار، وإنما يخلق الله تعالى الأفعال فيه على حسب ما يخلق في سائر الجمادات، وتنسب إليه الأفعال مجازاً، كما تنسب إلى الجمادات؛ كما يقال: أثمرت الأشجار، وجرى الماء، وتحرك الحجر، وطلعت الشمس وغربت، وتغيمت السماء وأمطرت، واهتزت الأرض وأنبتت... إلى غير ذلك. والثواب والعقاب جبر، كما أن الأفعال كلها جبر؛ قال: وإذا ثبت الجبر، فالتكليف أيضاً كان جبراً.
الآراء التي نادى بها الجهم:من أهمها
ـ عدم اعتبار العلم من الإيمان،
ـ إن الإيمان هو مجرد الإقرار بالقلب ولا قيمة للعمل في الإيمان
ـ لا يمكن أن يطلق الكفر على أحد بسبب ترك الأعمال التي أمر الله بها، بل لا يتجاسرون على إطلاق الكفر إلا إذا لم يقر بقلبه
ـ الإيمان معرفة فقط وأنه كذلك لا يزيد ولا ينقص، و العمل لا صله له بالإيمان
ـ الذنوب لا تعلق بالاعتقاد
ـ الله عز وجل مع أنه هو الذي جبر الإنسان على فعله ورغماً عنه، ومع ذلك فإن الله يعذبه بنار جهنم مع أن الفعل هو نفسه فعل الله فيه.
وقالوا: إن هذا ليس بظلم، لأن الإنسان ملك الله؛ لأن الظلم في مفهومهم هو المحال لذاته غير المتصور وقوعه
ـ للتعريف براى الجبرية يقول: ثابت قطنه الازدى المتوفى(110هـ)،:
يا هذا إنى أظن العيش قد نفدا ولا أرى الأمر إلا مدبرا ا ولا أرى أن ذنبا بالغ (أحدا) م الناس شركا إذا ما وحد الصمد
النقد:
إعتمادا على هذا الفهم سارع أصحاب الفسق والاستهتار بالقيم إلى التمسك بهذا المذهب؛ لأنه يساير رغباتهم ويثبت لهم الإيمان بغض النظر عن جميع المعاصي التي يرتكبونها، فهم مؤمنون كاملو الإيمان بالمفهوم الجبري
ـ الذنوب لا أثر لها على الإيمان الذي في القلب فهونوا المعاصي وشجعوا علي الركون إلي الكسل والخمول في العبادات.
ـ العبد مسلوب الإرادة والاختيار لأفعاله
المعتزلة:
فرقة أسسها واصل بن عطاء ويسمون: أصحاب العدل والتوحيد، واتفقوا على أن العبد قادر خالق لأفعاله خيرها وشرها، مستحق على ما يفعله ثواباً وعقاباً في الدار الآخرة. والرب تعالى منزه أن يضاف إليه شر وظلم،لأنه لو خلق الظلم كان ظالماً، كما لو خلق العدل كان عادلاً. واتفقوا على أنه الله تعالى لا يفعل إلا الصلاح والخير، ويجب من حيث الحكمة رعاية مصالح العباد. وسموا هذا النمط: عدلاً.
واتفقوا على أن المؤمن إذا خرج من الدنيا على طاعة وتوبة: استحق الثواب. وإذا خرج من غير توبة عن كبيرة ارتكبها: استحق الخلود في النار؛ لكن يكون عقابه أخف من عقاب الكفار.. وسموا هذا النمط: وعدا ووعيداً.
المعتزله ترى: ان اللّه تعالى غير خالق لأفعال الناس، و أن الناس هم الذين يخلقون أعمالهم و ليس ا للّه عز وجل
النقد:
ـ المعتزلة حاولوا تنزيه الخالق عن الصفات السالبة لكماله -كنسبه القبيح إليه- بواسطة القول بالتفويض او عدم نسبه الأفعال إلى الخالق
ـ المعتزلة تقول بحريه المخلوق، التي أوغلوا فيها إلى حد، بدت فيه إرادة الخالق مهمله! ولا شك في أن القول بإرادة المخلوق في كامل تصرفاته، قد انتهى بالمعتزل إلى التقليل من فكره القضاء والقدر.
الأشاعرة:

فرقة أسسها أبو الحسن الأشعري وكان تلميذا لواصل بن عطاء يقولون بالكسب فالله تعالى يخلق الأفعال جميعا والعبد يكسبها يقول أبو بكر البقلّاني قدرة العبد وإن لم تؤثر في وجود ذلك الفعل إلاّ أنّها أثّرت في صفة من صفات ذلك الفعل وتلك الصفة هي المسماة بالكسب
قال الطاهر بن عاشور : الله خلق الأفعال كلّها من خير وشر وجعل للعبد استطاعة اختيار بعض تلك الأفعال دون بعض فتلك القدرة تصلح للكسب فقط
ويستدلّون بقوله تعالى لها ما كسبت وعليها مااكتسبت البقرة 286
لها ما كسبت: خيرـ طاعة ـ يؤدي إلى الثواب و الجزاء
وعليها مااكتسبت:شر ـ معصيةـ يؤدي إلى العقاب
بما كسبت أيدي النّاس الروم 41
والله خلقكم وما تعملون الصافات 90
وقالوا لو كان الإنسان يخلق أفعاله لكان دائما يوفق فيما يسعي إليه ولكن الإنسان كثيرا ما يعجز عن أمور يريد فعلها
يعنون بالكسب تعلق إرادة الممكن بفعل ما فيوجد الاقتدار الإلهي عند هذا التعلق فسموا ذلك كسباً للممكن بمعنى أنه كسب الانتفاع به بعد احتياجه إليه
وذلك أن الله تعالى خالق وحده وإنما للعبد قبول إسناد العمل إليه لا غير
النقد:
قال الإمام الغزالي إن مسألة الكسب لا يزول إشكالها أبداً
اعتبر عدد كبير من المفكّرين أنّ رأي الأشاعرة جبرا مقنّعا
يقول أحمد أمين : الكسب شكل جديد في التعبير عن الجبر
(3علاقة حرية الانسان بتوحيد الله و عدله:
الانسان مخير أم مسير:
التخيير و التسيير ثغرة كبيرة يدخل منها الشك فقد يقول الواحد:
(( إذا كان الله قدر علي أفعالي. فلماذا يحاسبني؟ ))
(( و إذا كان كل شيء يجري في الدنيا بمشيئة الله فما ذنبي؟ ))
و السؤال يطرح معضلة بالفعل.
و بذلك أصبح السؤال في حاجة إلى جواب و رد شاف من الفلسفة و من الدين و من صميم القرآن ذاته.
و من النظرة المبدئية للعالم بما فيه من أرض و سماوات و نجوم و كواكب نرى أنه يقوم على سلسلة محكمة من الأسباب و المسببات، و أن كل شيء فيه يجري بنظام محكم.. و كل شيء في الدنيا يتحرك حسب قانون.
إلا الإنسان.. فإنه يشعر بأنه يمشي بحريّة.
القرآن يقرر أن حرية الإنسان كانت بمشيئة الله
قال تعالى:
(( و لو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين )) ( 99 - يونس )
لقد رفض الله أن يكره الناس على الإيمان و كان هذا في إمكانه، و لكنه أراد للإنسان أن يكون حرا مختارا، يختار الإيمان أو الكفر كما يشاء:
(( و قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر.. )) (29 - الكهف )
(( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي.. )) ( 256 - البقرة )
(( و لو شئنا لآتينا كل نفس هداها.. )) (13 - السجدة)
و بهذه الحرية التي قبلها الإنسان مختارا حقت عليه المسئولية و المحاسبة، و أشار القرآن لهذا في آيات حاسمة قاطعة:
(( كل نفس بما كسبت رهينة )) ( 38 - المدثر )
(( و كل إنسان ألزمناه طائره في عنقه.. )) ( 13 - الإسراء )
حينما تقضي اللحظة أن تختار فأنت تختار نفسك بالفعل.
(( إنا هديناه السبيل إما شاكرا و إما كفورا )) ( 3 - الإنسان )
و في لفظ (( إما )) يبدو عنصر الاختيار واضحا محددا.
(( و نفس و ما سواها ( 7 ) فألهمها فجورها و تقواها ( 8 ) )) ( الشمس )
أي فتح أمامها سبيل الخير و الشر و تركها أمام الطريقين لتختار.. و لهذا قال ( فجورها و تقواها )، و لم يقل ( أو تقواها ) لأنه فتح الطريقين معا ليجعل للنفس الاختيار و لم يجبرها على أحد الطريقين.. و لذلك أردف موضحا:
(( قد أفلح من زكاها ( 9 ) و قد خاب من دساها ( 10 ) )) ( الشمس )
فرد الفلاح و الخيبة للنفس المخيرة، و في آية أخرى يوضح الأمر أكثر فيقول:
(( و هديناه النجدين )) ( 10 - البلد )
أي هديناه مفترق طريقين يختار أيهما.
و كل واحد منا له نصيبه من حرية الفعل.. و الذي يقول بالجبرية سوف يقع في مأزق حينما نسأله كيف يميز بين يده يحركها في حرية و يكتب بها ما يشاء.. و بين يده و هي أسيرة ترتعش قهرا في رجفة الحمى.. هنا أمامنا حالتان واضحتان، حرية في حالة الصحة، و جبرية في حالة المرض، و لو كانت الجبرية التي يقول بها صحيحة لما أمكن أن يميز بداهة بين الحالين.. و لما أمكن أن تقوم الحالتان أصلا.
إن حرية الفعل إذن حقيقة.. و القدر أيضا حقيقة.
و المشكلة هي أن نحاول أن نفهم هذا الازدواج و كيف لا يلغي القدر الحرية.. و كيف لا تلغي الحرية القدر.
و هذا أمر نستشفه من الآيات استشفافا.. فهي تلمح و لا تصرح حتى لا تُلقي بالناس في بلبلة.
يقول الله في كتابه:
(( إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين )) ( 4 - الشعراء )
لو شاء لفعل و لكنه لم يفعل.. لأنه لم يشأ أن يقهرنا على إيمان فتنتفي بذلك حرية الاختيار التي جعل منها جوهر وجودنا.. فقد أراد لنا أن نكون أحرارا نؤمن أو نكفر.
و لم يجعل الله إبليس إبليسا.
و إنما إبليس اختار لنفسه الكبرياء و الجبروت و التعاظم حينما رفض أن يكون في خدمة آدم مثل بقية الملائكة و قال:
(( أنا خير منه خلقتني من نار و خلقته من طين )) ( 76 - ص )
اختار إبليس لنفسه الغرور بغير علم و لا حق. فاختاره الله ليغرر بالناس و قضى عليه قضاء من جنس ضميره.
و بالمثل أبصر النقاء و الطهر في قلب محمد فاختاره نبيا للهداية:
(( و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا.. )) ( 69 - العنكبوت )
و لهذا السبب أيضا - لعدم القهر و الجبر - أخفى الله نفسه في الإنجيل، و أخفى نفسه في القرآن لأنه لم يرد أن يلجمنا بالتجلي القاطع الفاصل فيقهرنا على الإيمان قهرا. فجعل من التوراة و الإنجيل و القرآن كتبا يمكن أن نؤمن بها و يمكن أن نشك فيها.
و قال عن قرآنه:
(( يضل به كثيرا و يهدي به كثيرا.. )) ( 26 - البقرة )
و ضمن آياته البراهين و لكنه لم يجعلها أبدا براهين ملزمة تأخذ بالخناق و تقهر العقل.. و إنما تركك دائما لترجح شيئا على شيء حرصا منه على حريتك.. و لتقول ما تريد دون مؤثرات كابحة.. فتفصح عن دخيلتك و سريرتك و يحق عليك القول.
و في آية نموذجية يشرح القرآن ما بين القدر الإلهي و الحرية الفردية من تلاق، و يرفع ما بينهما من تناقض.. حينما يروي ما حدث من تكاسل المنافقين عن نصرة الرسول - صلى الله عليه و سلم - و عدم الخروج معه في غزواته:
(( و لو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة و لكن كره الله انبعاثهم فثبطهم و قيل اقعدوا مع القاعدين ( 46 ) لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا و لأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة و فيكم سماعون لهم و الله عليم بالظالمين ( 47 ) )) ( التوبة )
ها هنا منافقون بالقلب لا يريدون بالنية أن ينصروا نبيهم فيقضي عليهم الله بمثل نيتهم فلا يريد لهم كما لم يريدوا لأنفسهم و يثبطهم و يكره لهم الخروج كما كرهوه لأنفسهم.
و يبدو هذا التماثل بين قدر الله و سريرة الإنسان في آية أخرى أكثر صراحة و التي تخاطب النبي (( يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم..)) (70- الأنفال )
هنا يبدو الفعل الإلهي ( القدر ) دائما من جنس النية التي هي عين الاختيار.
و يبدو كيف تماثل أمر الله و اختيار الإنسان و انتفى التناقض.. فلم يكن التناقض إلا في وهمنا نتيجة عدم الفهم.
و أصبح من السهل علينا أن نفهم آيتين متناقضتين في الظاهر مثل:
(( فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر.. )) ( 29 - الكهف )
(( و ما تشاءون إلا أن يشاء الله.. )) ( 30 - الإنسان )
ففي الآية الأولى يصف الله إرادة الإنسان الحرة.
و في الآية الثانية يتكلم عن إرادته الإلهية و هي القدر.
و ما بين الاثنين من تناقض هو تناقض في الظاهر فقط.. فقد فهمنا أن الله لا يريد للإنسان إلا ما يريد الإنسان لنفسه:
(( و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولى و نصله جهنم و ساءت مصيرا )) ( 115 - النساء )
من يختار طريق السوء و يرى الله في نيته الإصرار فإنه لا يكرهه على الخير و إنما يختار له ما اختار لنفسه و يمد له في غيه و يمهد له أسباب الشر تمهيدا حتى يخرج ما يكتمه و يتلبس بفعله و يحق عليه العذاب:
(( نولّه ما تولى و نصله جهنم و ساءت مصيرا )) ( 115 - النساء )
هنا الجبر هو عين الاختيار و لا تناقض لأن إرادة الله هي إرادة العبد.
انتفت الثنائية.
(( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. )) ( 11 - الرعد )
الله لا يغير ما يريده بإنسان حتى يغير ذلك الإنسان ما يريده بنفسه.. التطابق هنا واضح.
الإثنان.. الحرية و القدر.. ينفذ القضاء و يتم الفعل بإرادة الله و مشيئته و في الوقت نفسه باختيار الإنسان و حريته بلا تناقض (( قل كلٌ من عند الله )) ( 78 - النساء )
بهذه الكلمات التي تضيء كالومض الخفي يعطي القرآن المفتاح لأكبر المشكلات استعصاء في الفلسفة.. مشكلة الجبر و الاختيار.
في معترك الأسباب

1ـ التعريف
السبب:
لغة: هو الوسيلة الموصلة للشيء
اصطلاحا: مجموعة النظم و النواميس التي ضبطها الله تعالى في علمه الأزلي و يترتب عنها حدوث حوادث قال تعالى: سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23) الفتح
سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (38)الأحزاب
سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (62) الأحزاب
فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)غافر
سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)الإسراء
فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43)فاطر
الأسباب هي السن التي تحكم الكون
التوكل:
لغة: مشتق من الوكالة بمعني فوّض عبارة عن اعتماد القلب على وكيل واحد وأساسه العزم مع اليقين
اصطلاحا:
هو الاعتماد المطلق على الله تعالى في جميع الأمور من جلب المنافع و دفع المضارمع الأخذ بالأسباب . قال تعالى: فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)آل عمران
والتوكل عبادة عظيمة ؛ لا يجوز صرفها لغير الله ، فالمؤمن يتوكل على الله في كل ما يأتي ويذر، فيتوكل عليه سبحانه في طلب الرزق و العون ،و في طلب الشفاء والعافية، و في دفع السوء والضر، ويعتقد جازماً أنه لا رازق إلا الله ، ولا معطي ولا مانع سوى الله ، أنه سبحانه الخالق المتصرف المدبر مالك الملك رب العالمين، وقد أمر الحق جل جلاله وتقدست أسماؤه بإخلاص التوكل عليه سبحانه ، وصدق الملجأ إليه في أكثر من موضع من كتابه العزيز، فمن ذلك قوله سبحانه : وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (الأحزاب: من الآية48) .
وقوله : وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ (الفرقان: من الآية58) .
وقوله : فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (النمل:79) .
بل إن الله تعالى جعل التوكل شرطاً لصحة الإيمان فقال سبحانه : وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (المائدة: من الآية23).
وقال الحكيم موسى عليه السلام : فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (يونس: من الآية84) .

2ـ السببية عند بعض الفلاسفة و رجال الإصلاح:
ـ الفلاسفة ابن رشد والغزالي ( نموذجا):
أـ ابن رشد :
هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد،القرطبي المالكي توفي سنة 595هجري
يتلخص موقفه من مسألة الحرية وعلاقتها بالقضاء والقدر
ـ أفعال العباد مرتبطة بأسباب داخلية وأخرى خارجية
الأسباب الداخلية هي إرادة الإنسان وهي التي تشعره بالحرية
الأسباب الخارجية هي إرادة الله المتمثلة في سنن الطبيعة وهي الضرورة وهي التي يضن الإنسان أنها توجه فعله وتوهمه بأنّه مجبر
ـ يتم القضاء و القدر بتوافق الأسباب الداخلية مع الخارجية يقول ابن رشد { الأفعال المنسوبة إلينا يتم فعلها بإرادتنا وموافقة الأفعال التي من خارج لها وهي المعبّر عنها بقدرة الله } الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة ص 67
يرى ابن رشد أن الإرادة الإنسانية اختيار يتحقق في إطار القدرة الإلهية . فهو يرى أن حرية الإنسان نسبية.
ب ـ الغزالي :
هو أبو حامد الغزّالي زين الدين حجّةّ الإسلام محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسيُّ الشافعيُّ،.ولد في 450 هجري توفي في 14 جمادى الثانية سنة 505 هجري ببلاد طوس، وله خمسٌ وخمسون سنة.
يتلخص موقفه من مسألة الحرية وعلاقتها بالقضاء والقدر
ـ قدرة الإنسان حادثة ومخلوقة لله بمعني أنّه هو الذي يخلق الاختيار فهو وصف للعبد وخلق لله فالله تعالى مسبب كلّ الأسباب جملة وتفصيلا فقضاءه أسباب كلية ثابتة لا تزول مثل حركة الكواكب و الأفلاك قال تعالى: فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ ... فصلت 12. أمّا قدره فهو توجيه الأباب بحركتها المقدرة المحسوبة إلى مسببات الحادثة منها لحظه بلحظة
ـ مقارنة بين الطرحين:
أ ـ مظهر الاتفاق :
ـ القول بفاعلية الأسباب
ـ إثبات إرادة الإنسان
ب ـ مظهر الاختلاف :
ـ يرى ابن رشد أنّ علاقة الأسباب بالمسببات علاقة تأثير و إيجاد متولدة من طبيعة الأشياء مثل غليان الماء لا يحصل إلاّ بدرجة معيّنة من الحرارة (سبب خارجي)
ـ يرى الغزالي أنّها علاقة تتابع في الحدوث بحكم سنّة الله في خلقه (ارتباط غير ذاتي ) مثل عدم إحراق النار لسيّدنا إبراهيم فالأمور لا تتمّ إلاّ بإرادة الله سبحانه .

ـ رجال الإصلاح الأفغاني وعبدة ( نموذجا):
ـ قالا بنفي عقيدة الجبر فأثبتا الأسباب التي هي ضمن إرادة الله المطلقة والإنسان حلقة منها .
ـ ربط أفعال العباد بالمسؤولية
ـ قدرة الله هي المرجع ودر الإنسان الوعي بالأسباب لتحقيق النهضة الحضارية
ـ طرحت قضية القدر عند المصلحين من منطلق نهضوي إصلاحي تضمّن :
ــــــ الردّ على شبه الغرب
ــــــ الدعوة إلى العمل و الأخذ بالأسباب لبناء النهضة المنشودة.
3ـ حقيقة التوكل
التوكل على الله لا ينافي الأخذ بالأسباب ، بل إن الأخذ بها من صدق التوكل ، وصحة الدين ، وسلامة المعتقد ، وقوة اليقين ، والاعتماد على الأسباب وحدها خلل في الدين ، وترك الأخذ بالأسباب خلل في العقل ، وأنا أضرب لذلك مثالاً :
المزارع في مزرعته ، لا بد أن يصلح تربتها ، ويبذر البذر الجيد في وقته ، ثم يتعهد مزرعته بالسقي والرعاية ، و بعد ذلك يتوكل على الله تعالى في نماء الأشجار ، وحصد الحبوب والثمار ، أما إن تركها صحراء قاحلة ، وجرداء متصدعة ، لم يهتم بحرثها ولا زرعها ، وجلس في بيته و قال : إني متوكل على الله ، فهو أحمق مغفل. والتوكل على الله لا ينافي بذل الأسباب ، في طلب المعيشة ، وتحصيل الرزق ، فالكسل والخمول لا مكان له في الاسلام ، فنحن أمة البذل والعطاء ، والجهد والعمل ، لم نعهد السماء تمطر ذهباً ولا فضة ، ويوم أن تكاسلنا وتواكلنا ، أصبحنا عالة على الأمم ، تصنع لنا غذائنا ، وتنسج لنا لباسنا ، وتسوقنا بها إلى الهاوية ، و قومنا لا يشعرون ، و إمام المتوكلين rمع عظيم توكله ، و صدق يقينه بالله تعالى ، كان يأخذ بالأسباب
التوكل عليه سبحانه ، كفيل بتصحيح أوضاعنا ، وانتشالنا من تخلفنا و جمودنا، فالله تعالى يقول: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُه. (الطلاق: 3) .
و التوكل على الله جل جلاله و تقدست أسماؤه ، تحتاجه الأمة كلها على كافة المستويات
والتواكل هو ضد التوكل وهو عدم الأخذ بالأسباب وتركها .
ـ التوكل هو:
ـ نبذ العجز والكسل
ـ الاعتماد على الذات و الوثوق بالقدرة الإلهية



الكونية من منظور إسلامي
- مفهوم الكونية:
الكونية تطلق على كل ما هو منسوب إلى الكون، إلى العالم أي إلى البشر كلهم بدون تمييز بين الأقطار والأجناس، أو بعبارة أخرى كل ما يهم الناس جميعاً المنتشرين في جميع أنحاء المعمورة. والكونية تعني مبدئياً أن جميع الناس يتمتعون بالحقوق نفسها، وأنه لا أساس للتمييز بينهم. وقد كرس القرآن العظيم هذا البعد بجلاء في قول الله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم) الحجرات/ 13، وتبرز من خلال هذه الآية الكريمة البليغة وحدة الجنس البشري واستحقاقهم بدون تمييز لجميع الحقوق، باعتبار أن الدين واحد، وأن القرآن عالمي في رسالته وفي تطبيقه، وأن التقوى هي القاعدة التي تقوم عليها المسؤولية الفردية.
العالمية الإسلامية:
إنّ ما يميز الحضارة الاسلامية هو بعدها الانساني والعالمي، وقد نزلت الشريعة الاسلامية لتطبق على الارض وتنتشرفي كل انحاء الكرة الارضية، فالاسلام للبشر كلهم وللانسانية، جمعا يقول سبحانه: (وما ارسلناك الا رحمة للعالمين)[الانبيا:107]. ويقول تعالى: (وما ارسلناك الا كافة للناس بشيرا ونذيرا) [سبا:28]. وكثيرة هي النصوص الاسلامية التي تتحدث عن هذا المفهوم وتؤكد عليه من آيات قرآنية واحاديث شريفة ومواقف عملية للنبي محمد (ص) وللمسلمين الاوائل. ان الاسلام «كان عالميا بطبيعته،فمنذ اللحظة الاولى والقرآن يوجه الخطاب الى الناس اجمعين، واداة الخطاب «يا ايها الناس» تملا القرآن وتتخلل آياته،وقد بلغ عدد مرات استعمال هذا الخطاب في القرآن نحو ثمان وعشرين مرة، كما ورد فيه «لفظ الناس» مئتين واربعين مرة، ولفظ «الانسان» احدى وستين مرة. وقد كان رب المسلمين وإلههم، منذ اللحظة الاولى للدعوة، هو «رب العالمين»و«رب المشارق والمغارب» و«رب السموات والارض». وقد كان الناس جميعهم خلقه،
ووردت، على لسان النبي محمد (ص)، احاديث كثيرة تؤكد على مفهوم العالمية والانسانية في الدين الاسلامي اهمهاما ورد عنه (ص) في خطبة حجة الوداع: «ان ربكم واحد، وان اباكم واحد، كلكم لادم، وآدم من تراب، ان اكرمكم عنداللّه اتقاكم وليس لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لاحمر على ابيض فضل الا بالتقوى»
ان الاسلام يعطي للمسلم تصورا واضحا عن اللّه سبحانه وعن الكون، وعن الانسان وموقعه في الوجود، ثم يبين له الاهداف العظيمة للرسالة الاسلامية. ويبدا المسلم في الاطلاع على تفاصيل الشريعة الاسلامية وجزيئيات النظام الاسلامي الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وخلال ذلك يتعرف أنّ اهداف هذه الخصائص الوصول الى تحقيق الخير والرفاه والحق والسعادة للبشرية جمعاء.ان العالمية دفع للإنسان للتحليق في اوسع الفضاات،والتحرك في اكبر الدوائر والتحديق في ابعد الافاق، وفي ضوء هذا الاتساق يصبح من الطبيعي ان يطلق على هذا المفهوم تسمية العالمية. «رب العالمين» وقد اطلق القرآن هذا الوصف على اللّه سبحانه وتعالى اربعين مرة.
تتبين عالمية الاسلام وانسانيته من خلال النصوص الاسلامية، ومن خلال المواقف العملية للرسول محمد (ص)،فالاسلام امتداد لرسالة ابراهيم (ع) يقول تعالى: (ملة ابيكم ابراهيم هو سماكم المسلمين من قبل) [الحج:78].
ومن الاعمال التي قام بها الرسول محمد (ص) ارساله الرسائل الى ملوك عصره في اقطار الارض يدعوهم الى الاسلام واعتناق هذا الدين الحنيف، فارسل (ص) الرسائل الى هرقل امبراطور الرومان والى كسرى ملك الفرس، والى ملك الحبشة والى ملك اليمن وغيرهم، الامر الذي يدل دلالة قاطعة على نظرة الاسلام العالمية وسعة افقه ليشمل الانسانية كلها: «ان الاسلام تميز منذ انطلاقته الاولى بصفته العالمية و الكونية ، ليس بتوجيهه الى الامم والشعوب المختلفة فقط، بل باخذه بفكرة تدرج المعرفة البشرية واستيعاب المرحلة اللاحقة لما قبلها وتخطيها لها،وايمانه بوحدة العقل البشري ووحدة العالم رغم وجود خصائص تميز الشعوب والامم».
ان العالمية روح تسري في الاسلام وتؤثر في كل زواياه، ولذا فهي تتجلى في اصول الدين جميعها، ثم تشق طريقها للظهور في مختلف جوانب الشريعة.
إن العالمية التي يراد بها ان تكون اطارا جامعا لافراد النوع الانساني لابد من ان تنبع من مصدر اسمى من الانسان،
وهذا هو الركن الاخلاقي للعالمية الاسلامية التي تمتلك في ذاتها المسوغ الاخلاقي لان تكون اطارا جامعا لافراد الانسانية، قال تعالى: (لو انفقت مافي الارض جميعا ما الفت بين قلوبهم ولكن اللّه الف بينهم) [الانفال:63] فحتى الرسول الاعظم (ص) على ما اوتي من صبر وخلق عظيم لا يستطيع ان يكون بما هو انسان جامعا للاخرين، وانما اللّه هو القادر على ذلك.
ان التوحيد حقيقة كونية لان الكون له خالق واحد ، خالق يفرض هيمنته على الوجود والعوالم المادية والنباتية والحيوانية والانسانية معا، ولابد لعالم الانسانية ان يتمحور حوله
وهو حقيقة انسانية لان النفس الانسانية بنيت وفطرت على اساس التبعية لذلك المحور ، وهو الإطار الذي يمكن من خلاله تجميع الإنسانية على صعيد واحد.
وهو حقيقة تشريعية لان أي تشريع عالمي لا يمكن وضعه موضع التنفيذ ما لم يستند إلى قاعدة توحيدية.
إنّ عقيدة التوحيد تستوعب الواقع الإنساني على أساس متين من التوازن فقد ربطت بتوازن دقيق بين التوحيد وبين كل إطراف الوجود الإنساني وحافظت على هذا التوازن بين كل طرف وآخر. فهي توازن بين الفرد والمجتمع، بين عالم الغيب وعالم الشهادة، بين الماضي والحاضر والمستقبل، بين الدين والسياسة، بين متطلبات الروح ومتطلبات الجسد.
خصائص العالمية الإسلامية:
1 الاخلاقية فالعالمية الإسلامية مفهوم أخلاقي قائم على أساس الخضوع لتأثير الهي يدعو إلى حب الإنسانية وجعل الانتماء الإنساني هو الأساس، بحيث يكون الانتماء المحلي متكاملا معه، خلافا للقومية التي تجعل الانتماء المحلي هو الأساس بحيث ينسى القومي انتماؤه الإنساني، ومعنى أخلاقية العالمية الإسلامية أنها تنبع من منبع روحي فياض قادر على ترسيخ الشعور الأسري المفعم بالعاطفة لدى أفراد العائلة البشرية، بحيث يتمكن هذا الشعور من مكافحة نوازع الغرور والأنانية والتكبر التي قد تظهر لدى بعض هؤلاء الأفراد على نحو يهدد العائلة البشرية بالتشتت والصراع.
2 التكاملية ان العالمية الإسلامية عالمية متكاملة بمعنى أن العقائد والتشريعات والمفاهيم في الإسلام تتكامل في ما بينها
3 الشمولية لقد استوعبت العالمية الإسلامية كل دقائق الحياة الإنسانية، وتفاعلت مع جميع جوانبها، فهي شجرة أصلها العقائدي ثابت في روح الأمة وتصورها عن الكون والحياة. وفروعها التشريعية منبثة في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والقانونية والاخلاقية والعبادية.
4الواقعية الواقعية صفة يتحلى بها الاسلام في نظرته الى القضايا الانسانية ومعالجاته لها. فهو لا يتنكر لحقيقة قائمة في الواقع الموضوعي ، ولا يحلّق في معالجته لها في الخيال. بل يتخذ من الايمان بالواقع طريقا للوصول إلى حل واقعي.
فحينما واجه الاسلام المسالة العصبية وجدها ظاهرة لم تنطلق من فراغ، بل انطلقت من واقع انساني وان كان منحرفا،فآمن بالجانب الواقعي منها وعالج الجانب المنحرف فيها، وجعل كل شيء منها في موضعه.
والحقيقة ان العصبية، امتداد طبيعي لغريزة اصيلة هي غريزة الدفاع عن الذات، وتتعزز بالعواطف الفطرية نحو الرحم والقربى.
فالطفل ينشا وفي داخله ميل فطري نحو ابويه واخوته، ثم تتسع دائرة هذا الميل لتشمل اقارب الابوين ايضا، ثم تتسع لتشمل العشيرة. قال تعالى: (يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا...)[الحجرات:13].
فالتكوين القبلي جعل الهي متفرع عن التكوين الاسري، وبالتالي فهو حالة طبيعية تكوينية. إن التكوين القبلي والقومي ظاهرة طبيعية ايجابية خلقهااللّه سبحانه وتعالى وسيلة لبناء المجتمع العالمي «لتعارفوا»، وذلك عبر الربط الصحيح بين وحداته القومية والقبلية ، وهكذا يكون الإيمان الصحيح بالواقع القومي طريقا للبناء العالمي.
5 التوازن، الاسلام يؤمن بالواقع كما هو ولا يغالي بواحدة من حقائقه على حساب اخرى، بل يعط ي لكل منها الموقع الذي تستحقه ثم يربط بينها بعلاقة متوازنة.
فالتوازن العام بين الروح والجسد، الغيب والشهادة، الجبر والاختيار، الوحي والعقل، العالمية والمحلية، الماضي والحاضر، الفرد والمجتمع، اتاح ظهور عالمية فاعلة ومؤثرة في الحياة. كما ان التوازن الخاص بين الخواص العالمية والخواص العنصرية في الشخصية الانسانية جعلها عالمية واقعية وناجحة.
6 الانسانية بمعنى ان العالمية الاسلامية انطلقت من الواقع الانساني وانسجمت مع المنابع الروحية والفكرية الاصيلة للشخصية الانسانية. وهيات لهذه الشخصية فرص النمو والازدهار
«لا تكون العقيدة انسانية الا حين يجد الانسان في رحابها المجالات التي تهيء لكافة طاقاته جميع فرص النمووالازدهار، وتوازن بين كافة جوانبه فلا تمكن لجانب بالتنكر لجانب آخر، ومن الواضح ان العقيدة لن تكون كذلك الا اذاعالجت الواقع الانساني على اساس الاعتراف بالانسان كما هو وكما خلقه اللّه تعالى من غير تحوير. الاعتراف بكل طاقاته وكل حاجاته وكل كيانه المتطور وغير المتطور.
العولمة
العولمة مصطلح ظهر أواسط القرن 20 وتطور تطوراً بطيئاً حتى أوائل التسعينيات وتسارع انتشاره بعد سقوط الاتحاد السوفييتي ونما وتطور مع انتشار وسائل الاتصالات الحديثة، ولكنه انتشر انتشاراً واسعاً وبلغ اقصى اتساع له في السنوات الاخيرة، حيث تم الترويج له بفضل وسائل الاعلام والسرعة في نقل المعلومات اصبح يتداول كل ما يجري في الوقت ذاته.. فالعولمة ابتكرها ونشرها من يمتلك وسائل القوة بجميع جوانبها العلمية والعسكرية والاعلامية... واراد ان يذوّب بقية الثقافات، ويظهر لغة واحدة لتطغى على لغات العالم كلها لتكون هي اللغة العالمية، لماذا؟ لأنها لغة تلك الدولة التي ابتكرت مفهوم العولمة..
الكونية والعولمة
مفهوم الغرب للكونية:
اقترن ظهور مفهوم العولمة بالثورة العلمية والمعلوماتية التي عرفها العالم منذ بداية التسعينات.
إن ما يعاب على النظرية الغربية من كونها متأثرة بظروف ظهورها ومن كونها لا تعكس إلا الثقافة الغربية، ولا تعبر إلا عن مفاهيم غربية. فظروف ظهور هذه النظرية تمثل حاجزاً أمام انتشارها وأمام كونيتها.
الخصوصية
إنّ التمسك بالخصوصيات الوطنية والتاريخية والحضارية والاقتصادية. يجب أن لا يؤدي إلى نفي فكرة الكونية من الأساس، بل إن هذه النتيجة تفرض علينا تصحيح المقاربة وطرح الإشكالية بطريقة سليمة، لابد من الاعتراف بأن الكونية والخصوصيات لا يتنافيان وتواجدهما ممكن في الآن نفسه، فنتحدث عندئذ عن الكونية والخصوصيات.توجد عوامل عديدة خصوصية ذات طابع تاريخي وسياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي..فالمسألة مرتبطة بالمعتقدات الدينية وبالعادات الاجتماعية وبالنضج الفكري إن كل صنف من البشر وكل أمة من الأمم، لها أولويات خاصة بها، هي نتاج تطورها الحضاري وتاريخها، وتمثل حالتها الراهنة
كما إن الإقرار بوجد هذه الخصوصيات، لا يمثل حاجزاً، للاعتراف بوجود مستوى أدنى، أو نواة صلبة ثابتة من العالمية لا يمكن أن يشملها أي استثناء واجبة الاحترام على الصعيد الكوني، ولا سبيل لمعارضتها باسم الخصوصيات الثقافية أو الأولويات الأخرى. فلو شئنا تبيان طبيعة هذه النواة، لأمكن أن نقول إنه من بين القواعد الدولية المتعلقة بحقوق الانسان توجد بعض القواعد لا يمكن عدم احترامها أو تأويلها. فهذه القواعد تمثل النظام العام الدولي. ففيم يتمثل هذا النظام العام؟
إن الحقوق التي يمكن أن تكوّن النواة الصلبة الثابتة لحقوق الانسان، تسعى كلها إلى هدف نهائي سام، ألا وهو تحقيق وضع أخلاقي أساسي لكل فرد، لا يمكن تصور الانسانية بدونه. وعلى هذا الأسس، لابد من استنتاج هذه الحقوق الأساسية من بين جملة حقوق الانسان، وهي حقوق تكاد تكون مطلقة، وقد أجمعت عليها الشرائع السماوية وكرستها القوانين الوضعية.
فالحقوق التي تكون النواة الصلبة هي حقوق قد يؤدي تجاهلها أو عدم احترامها إلى إهدار كرامة الانسان وانسانيته التي فضله الله بها على جميع المخلوقات في قوله سبحانه وتعالى في سورة الإسراء: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً) الإسراء/ 70، إن انتهاك حقوق الانسان الأساسية يؤدي إلى نكران التفضيل الإلهي للانسان على سائر المخلوقات. ومن هذه الحقوق نذكر أولاً وبالذات الحق في الحياة وفي احترام الذات الانسانية. فهذه حقوق أساسية لا يمكن إخضاعها لأي استثناء ولا لأي خصوصية. فهي أولى الأولويات ولا تتحقق إنسانية الفرد إلا باحترامها. كما يمكن أن نعتبر من بين الحقوق الأساسية التي تشكل النواة الصلبة، حق الانسان في الأمان على نفسه وعلى ذويه وعلى ممتلكاته. ولا يمكن لجاحد أن ينكر كونية هذه الحقوق وما يترتب عليها من نتائج مثل تحريم القتل الجماعي أو التعذيب. فهذه الممارسات تنكرها جميع الشرائع ولا يمكن تسويغها بدعوى الخصوصيات أو بدعوى الهوية.
وفي الختام، لابد من توضيح: إن وجدت اليوم كونية فإنه من الضروري أن تكون هذه الكونية حقيقية تأخذ بعين الاعتبار تنوع واختلاف الحضارات والثقافات. فالكونية يجب أن تكون إيجابية أي أن تكون نتيجة لإثراء متبادل بين الحضارات، ففي كثير من الأحيان، تلخصت الكونية في محاولة للهيمنة



عمل إدماجي
حلف الفضول
هو أشرف حلف في العرب قبل الإسلام. وسببه أن رجلاً من زبيد «اليمن» قدم مكة ببضاعة فاشتراها منه العاص بن وائل ولم يعطه حقه ولم تنصفه الأحلاف فرقى الجبل ونادى بمظلمته. فقام الزبير بن عبد المطلب وعبد الله بن جدعان وذلك في ذي القعدة بعد 15 عاماً على عام الفيل ودعوا إلى حلف الفضول فاجتمع إليهما بنو هاشم وزهرة وبنو أسد بن عبد العزى وبنو المطلب وبنو تميم. فاتفقوا على أن يردوا الفضول «المظالم» إلى أهلها وحضر النبي هذا الحلف وقال: «ما أحب أن لي بحلفٍ حضرته في دار بني جدعان حمر النعم وأني أغدر به».
قال ابن هشام :
وأما حلف الفضول فحدثني زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق قال تداعت قبائل من قريش إلى حلف فاجتمعوا له في دار عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي ، لشرفه وسنه .
فكان حلفهم عنده بنو هاشم ، وبنو المطلب ، وأسد بن عبد العزى ، وزهرة بن كلاب ، وتيم بن مرة فتعاقدوا وتعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا قاموا معه وكانوا على من ظلمه حتى ترد عليه مظلمته فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول .
وذكر ابن هشام الحلف الذي عقدته قريش بينها على نصرة كل مظلوم بمكة قال ويسمى حلف الفضول ولم يذكر سبب هذه التسمية وذكرها ابن قتيبة ، فقال كان قد سبق قريشا إلى مثل هذا الحلف جرهم في الزمن الأول فتحالف منهم ثلاثة هم ومن تبعهم
أحدهم الفضل بن فضالة ، والثاني : الفضل بن وداعة ، والثالث فضيل بن الحارث . هذا قول القتبي . فلما أشبه حلف قريش فعل هؤلاء الجرهميين سمي حلف الفضول والفضول جمع فضل وهي أسماء أولئك الذين تقدم ذكرهم .
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا لو دعيت به في الإسلام لأجبت . تحالفوا أن ترد الفضول على أهلها … .
وكان حلف الفضول في ذي القعدة قبل المبعث بعشرين سنة وكان حلف الفضول أكرم حلف سمع به وأشرفه في العرب .
وكان أول من تكلم به ودعا إليه الزبير بن عبد المطلب ، وكان سببه أن رجلا من زبيد قدم مكة ببضاعة فاشتراها منه العاصي بن وائل وكان ذا قدر بمكة وشرف فحبس عنه حقه فاستعدى عليه الزبيدي الأحلاف : عبد الدار ومخزوما وجمح وسهما وعدي بن كعب ، فأبوا أن يعينوه على العاصي بن وائل وزبروه أي انتهروه فلما رأى الزبيدي الشر أوفى على أبي قبيس عند طلوع الشمس وقريش في أنديتهم حول الكعبة ، فصاح بأعلى صوته طالبا النجدة . فقام في ذلك الزبير بن عبد المطلب ، وقال ما لهذا مترك فاجتمعت هاشم وزهرة وتيم بن مرة في دار ابن جدعان ، فصنع لهم طعاما ، وتحالفوا في ذي القعدة في شهر حرام قياما ، فتعاقدوا وتعاهدوا بالله ليكونن يدا واحدة مع المظلوم على الظالم حتى يؤدى إليه حقه ، وعلى التأسي في المعاش فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول وقالوا : لقد دخل هؤلاء في فضل من الأمر ثم مشوا إلى العاص بن وائل فانتزعوا منه سلعة الزبيدي فدفعوها إليه وقال الزبير رضي الله عنه
نصرة المظلوم والدفاع عن حقوق الإنسان

بهذه المبادئ جاء القرآن . . إنّه يأمر بالعدل وينهى عن العدوان على كرامة الإنسان ونفسه وماله وعرضه . . وجعل مهمة تحقيق العدل وحفظ الأمن مسؤولية الدولة في الإسلام ، كما هي مسؤولية كل إنسان في المجتمع . . والرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) الداعية إلى هذه المبادئ نراه يعمل على الدفاع عن الحق ونصرة المظلوم ، كفرد في مجتمع ، وكنبي مبلغ للرسالة ، وكحاكم منفّذ للشريعة والقانون .
(إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)(النحل/90)
ويحدثنا التاريخ عن موقف انساني فذ فريد للنبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل بعثته ، أعطاه القيمة الكبرى بعد البعثة . . وهو موقفه في حلف الفضول . .
إن حلف الفضول كان تجمعاً وميثاقاً إنسانياً تنادت فيه المشاعر الإنسانية ، وإضاءة العقول ، لنصرة الإنسان المظلوم ، والدفاع عن الحق المضيع
كانت قريش تظلم في الحرم الغريب ، ومن لا عشيرة له حتى أتى رجل من بني أسد بن خزيمة بتجارة فاشتراها رجل من بني سهم ، فأخذها السهمي ، وأبى أن يعطيه الثمن ، فكلم قريشاً واستجار بها ، وسألها إعانته على أخذ حقّه ، فلم يأخذ له أحد بحقه ، فصعد الأسدي أبا قبيس فنادى بأعلى صوته :
أظُلم لا يمُنع منِّي مَن ظلم
فتذممت قريش فقاموا فتحالفوا ألا يظلم غريب ولا غيره ، وأن يؤخذ للمظلوم من الظالم ، واجتمعوا في دار عبدالله بن جدعان التيمي . وكانت الأحلاف هاشماً وأسداً وزهرة وتيماً والحارث بن فهر ، فقالت قريش : هذا فضول من الحلف ، فسمي حلف الفضول . وقال بعضهم : حضره ثلاثة نفر يقال لهم الفضل بن قضاعة ، والفضل بن حشاعة ، والفضل بن بضاعة ، فسمي بهذا حلف الفضول . وقد قيل إن هؤلاء النفر حضروا حلفاً لجرهُم فسمي حلف الفضول بهم ، وشبه بالحلف في تلك السنة» .
إن هذه الوثيقة التأريخية تكشف لنا عن أبرز مبادئ الإسلام الإنسانية:
ـ وهي نصرة المظلوم ، والدفاع عن الحق ، بغض النظر عن دين المظلوم ومذهبه وعشيرته وقوميته ووطنه . . ويعطينا هذا الحلف والميثاق أصلاً قانونياً ،
ـ على تنظيم الإسلام للعلاقات الإنسانية على المستوى الدولي ، والحث على الاشتراك في المنظمات الدولية الإنسانية التي تعمل على إغاثة المظلومين ونصرتهم ، والدفاع عن حقوقهم ، ومقاومة الظلم والطغيان في أي بقعة من بقاع العالم . . إن هذه القيم الإنسانية في حقلها الأخلاقي والسياسي لهي من أعظم القيم التي تحتاجها الإنسانية في عالمنا المعاصر .
وفي موقع آخر يجسد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) تلك المبادئ سلوكاً وعملاً ، فيخف لنصرة المظلوم والدفاع عن حقّه ، ولم يكن هذا المظلوم مسلماً ، والرسول يومها نبي يحمل الدعوة إلى الناس لاقامة العدل هي منهج القرآن ، وأساس في سيرة الرسول العملية ، ومسؤولية الإنسان على امتداد وجوده على هذه الأرض . . وقد قيل قديماً : الكفر يدوم والظلم لا يدوم . . والثورة على الظلم والطغيان والانتصار للمظلوم قضية تشخصها العقول النيِّرة ، والمشاعر الإنسانية النبيلة ، كما تشخصها الشرائع والأديان . .
سجل لنا التأريخ مواقف عملية للرسول (صلى الله عليه وسلم) في المرحلة الجاهلية لنصرة المظلوم والمضطهد ، قرأناها في موقفه في حلف الفضول
لنقرأ ذلك الموقف ، ولنتخذه درساً ومنهجاً في حياتنا ، فما أكثر الظلم والمظلومين ، وما أقل الواقفين موقف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الدفاع والنصرة ، وما أحوج المجتمع إلى مؤسسات ومنظمات ومراكز للدفاع عن حقوق المظلومين والمضطهدين . . إن ذلك الموقف الصادر عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) ومثله الموقف في حلف الفضول يؤكد أنّ الدفاع عن الحق ، ونصرة المظلوم مسؤولية يسأل عنها الإنسان ، والقادر على القيام بها تجاه المظلومين والمضطهدين ، وبغض النظر عن عقيدة المظلوم أو لغته أو طبقته الاجتماعية... لنقرأ موقف الرسول (صلى الله عليه وسلم) من مظلوم استغاث به لإنقاذ حقّه ، ولنتأمل في الظروف الصعبة التي كانت تحيط بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يومها .
نقل ابن كثير عن سلسلة من الرواة تلك الحادثة فقال : «قدم رجل من أراش بإبل له إلى مكّة ، فابتاعها منه أبو جهل بن هشام ، فمطله بأثمانها ، فأقبل الأراشي حتى وقف على نادي قريش ، ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) جالس في ناحية المسجد ، فقال : يا معشر قريش من رجل يعديني على أبي الحكم بن هشام ، فإني غريب ، وابن سبيل ، وقد غلبني على حقي ، فقال أهل المجلس : ترى ذلك ، يهمزون به إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لما يعلمون ما بينه وبين أبي جهل من العداوة ، إذهب إليه ، فهو يعديك عليه ، فأقبل الأراشي حتى وقف على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فذكر ذلك له ، فقام معه فلما رأوه قام معه ، قالوا لمن معهم : اتبعه فانظر ما يصنع ؟ فخرج إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى جاءه فضرب عليه بابه ، فقال مَن هذا ؟ قال : محمد ، فاخرج ، فخرج إليه ، وما في وجهه قطرة دم ، وقد امتقع لونه ، فقال : إعط هذا الرجل حقّه ، قال : لا يبرح حتى أعطيه الذي له ، قال فدخل ، فخرج إليه بحقه فدفعه إليه ، ثمّ انصرف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقال للأراشي إلحق لشأنك . . فأقبل الأراشي حتى وقف على المجلس ، فقال : جزاه الله خيراً ، فقد أخذ الذي لي .. »(2) .
إن هذه الحادثة من سيرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) العملية تكشف عن انسانية الدعوة ووقوفها إلى جنب الإنسان المظلوم ، واستنقاذ الحق ، رغم أنّ الظالم كان من أعتى طواغيت قريش ، ورغم العداوة التي كانت بين الرسول وبين أبي جهل ، فالرسول (صلى الله عليه وسلم) لم يعتذر من الرجل لما يعلم من أبي جهل ، بل صحبه إلى دار أبي جهل ، ووقف بكل جرأة وشجاعة ، بل وتحدّ للظالم ، يطالبه بحق المظلوم . .
والموقف كما يكشف عن مواجهة الظلم والطغيان ، فإنّه يكشف عن الاهتمام بالآخرين ، ومشاركتهم بهمومهم والوقوف معهم لاستنقاذ حقوقهم الشخصية . . فالموقف هو دفاع عن حق ، ومواجهة لظاهرة عدوانية في المجتمع .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://tafkir.yoo7.com
 
السنة الرّابعة: تلاخيص الدّروس المحور الأوّل في التفكير الإسلامي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
تفكير :: تفكير-
انتقل الى: